فصل: كتاب العِتق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تيسير العلام شرح عمدة الأحكام



.كتاب العِتق:

العِتق- لغة-: بكسر العين، وسكون القاف.
قال الأزهري: هو مشتق من قولهم: عَتَق الفرس إذا سبق ونجا، وعتق الفرخ طار واستقل، لأن العبد يتخلص بالعتق ويذهب حيث شاء.
وشرعاً: تحرير الرقبة وتخليصها من الرق، وتثبيت الحرية لها.
والأصل فيه، الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.
فأما الكتاب، فمثل قوله تعالى: {فَتَحْرير رَقَبَةٍ مُؤمِنَةٍ}.
وأما السنة، فكثيرة جداً، ومنها ما في الصحيحين عن أبى هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: {من أعتق رقبة مسلمة، أعتق الله بكل عضو منه عُضْواً من النار، حتى فرجه بِفَرْجه} وأحاديث الباب الآتية.
وأجمعت الأمة على صحة العتق وحصول القربة به.
وهنا مبحثان أحدهما- في فضله، والثاني:- في موقف الإسلام من الرق والعتق.
أما فضله، فيكفيك فيه هذا الحديث الصحيح، وما رواه الترمذي عن أبي أمامه وغيره من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرئ مسلم أعتق امرءاً مسلما كان فكاكه من النار».
والأحاديث والآثار الحاثة على العتق والمُرَغبة فيه كثيرة.
وقد جعله الله تعالى أول الكفارات لما فيه من مَحْوِ الذنوب، وتكفير الخطايا والآثام، والأجر العظيم، بقدر ما يترتب عليه من الإحسان.
وليس إحسان أعظم من فكاك المسلم من غلِّ الرق، وقيد الملك فبعتقه تكمل إنسانيته بعد أن كان كالبهيمة في تصريفها وتدبيرها.
فمن أعتق رقبة، فقد فاز بثواب اللّهْ، والله عنده حسن الثواب.
المبحث الثاني: نعى بعض أعداء الدين الإسلامي إقرار الشريعة الإسلامية الرق الذي هو- في نظرهم- من الأعمال الهمجية جملة.
لذا نحب أن نُبين حال الرق في الإسلام وغيره، ونبين موقف الإسلام منه بشيء من الاختصار، لأن المقام لن يخصص لهذه البحوث.
فالإسلام لم يختص بالرق، بل كان منتشرا في جميع أقطار الأرض.
فهو عند الفرس والروم والبابليين واليونان، وأقره أساطينهم من أمثال (أفلاطون) و(أر سطو).
وللرق- عندهم- أسباب متعددة في الحرب، والسبي، والخطف، واللصوصية.
بل يبيع أحدهم مَنْ تحت يده من الأولاد، وبعضهم يعدون الفلاحين أرِقاء.
وكانوا ينظرون إلى الأرقاء بعين الاحتقار والازدراء، فكانوا يمتهنونهم في الأعمال القذرة، والأعمال الشاقة.
فـ (أرسطو) من الأقدمين، يرى أنهم غير مخلدين، لا في عذاب، ولا في نعيم، بل هم كالحيوانات.
والفراعنة استعبدوا بني إسرائيل أشع استعباد، حتى قتلوا أبناءهم، واستحيوا نساءهم.
والأوربيون- بعد أن اكتشفوا أمريكا- عاملوا الأمريكيين أسوأ معاملة.
هذا هو الرق بأسبابه وآثاره، وكثرته في غير الإسلام.
ولم نأت إلا على القليل من شنائعه عندهم.
فلننظر الرق في الإسلام.
أولاً: إن الإسلام ضيَّق مورد الرِّق، إذ جعل الناس كلهم أحراراً لا يطرأ عليهم الرق إلا بسبب واحد: وهو أن يؤسروا وهم كفار مقاتلون مع أن الواجب على القائد أن يختار الأصلح من الرق، أو الفداء، أو الإطلاق بلا فداء، حسب المصلحة العامة.
فهذا هو السبب وحده في الرق، وهو سبب؟ جاء في النقل الصحيح، فإنه يوافق العقل الصحيح أيضاً.
فإن من وقف في سبيل عقيدتي ودعوتي، وأراد الحدَّ من حريتي، وألب عليَّ وحاربني، فجزاؤه أن أمسكه عندي، ليفسح المجال أمامي وأمام دعوتي.
هذا هو سبب الرق في الإسلام، لا النهب، والسلب، وبيع الأحرار واستعبادهم كما هو عند الأمم الأخرى.
ثانياً: أن الإسلام رفق بالرقيق، وعطف عليه، وتوعد على تكليفه. وإرهاقه: فقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله وما ملكت أيمانكم»؟.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: «للمملوك طعامه وقوته؛ ولا يكلف من العمل ما لا يطيق» رواه مسلم.
بل إن الإسلام رفع من قدر الرقيق حتى جعلهم إخوان أسيادهم.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: «هم إخوانكم وخولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، ولْيُلْبِسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم»، متفق عليه.
ورفع من مقامهم عند مخاطبتهم حتى لا يشعروا بالضَّعَة. ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «لا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي».
كما أن المقياس في الإسلام لكرامة الإنسان في الدنيا والآخرة، لاِ يرجع إلى الأنساب والأعراق، وإنما يرجع إلى الكفاءات والقيم المعنوية {إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أتْقَاكُمْ}.
وقد بلغ شخصيات من الموالى- لفضل علمهم، وقدرتهم- ما لم تبلغه ساداتهم، إذ قادوا الجيوش، وساسوا الأم، وتولوا القضاء والأعمال الجليلة بكفاءتهم التي هي أصل مجدهم.
ومع ما رفعه الشارع من مقام المملوك، فإن له تشوفا وتطلعا إلى تحرير الرقاب، وفك أغلالهم.
فقد حث على ذلك، ووعد عليه النجاة من النار، والفوز بالجنة، وقد تقدم بعض من ذلك.
ثم إنه جعل لتحريرهم عدة أسباب، بعضها قهرية وبعضها اختيارية.
فمن القهرية، أن من جرح مملوكة عتق عليه.
فقد جاء في الحديث: أن رجلاً جدع أنف غلامه، فقال صلى الله عليه وسلم. «اذهب فأنت حُر».
فقال: يا رسول الله فمولى من أنا؟ قال: «مولى الله ورسوله».
ومن أعتقْ نصيبه من مملوك مشترك، عتق نصيب شريكه قهراً، في الحديث: «من اعتق شركا له في مملوك، وجب عليه أن يعتق» رواه البخاري على تفصيل فيه يأتي.
ومن ملك ذا رحم مَحْرم عليه عق عليه قهراً حديث: «من ملك ذا رحم محرم فهو حر» رواه أهل السنن.
فهذه أسباب قهرية تُزِيل ملك السيد عن رقيقه خاصة في هذا الباب، لما له من السراية الشرعية، والنفوذ القوِي الذي لم يجعل في عنقه خيارا ولا رجعة.
ثم إن المشرع- مع حثه على الإعتاق- جعله أول الكفارات في التخلص من الآثام، والتحلل من الأيْمان.
فالعتق هو الكفارة الأولى في الوطء في نهار رمضان، وفي الظهار، وفي الأيمان، وفي القتل.
دين العزة والكرامة والمساواة:
فكيف- بعد هذا- يأتي الغربيُّون. المستغربون فيعيبون على الإسلام إقراره الرق، ويتشدقون بالحرية والمناداة بحقوق الإنسان، وهم الذين استعبدوا الشعوب، وأذلوا الأمم، واسترقوهم في عقرِ دارهم؟ وأكلوا أموالهم، واستحلوا ديارهم؟!
أفيرفعون رؤوسهم، وهم الذين يعاملون بعض الطبقات في بلادهم أدني من معاملة العبيد؟
فأين مساواة الإسلام مما تفعله أمريكا بالزنوج، الذين لا يباح لهم دخول المدارس، ولا تحل لهم الوظائف، ويجعلونهم والحيوانات سواسية؟!
وأين رفق الإسلام وإحسانه، مما يفعله الغرب بأسارى الحرب الذين لا يزالون في المجاهل: المتاهات والسجون المظلمة?
وأين دولة الإسلام الرحيمة، التي جعلت الناس على اختلاف طبقاتهم وأديانهم وأجناسهم- أمة واحدة في مالَهَا وما عَليها، مما فعلته (فرنسا) المجرمة بأحرار الجزائر، في بلادهم وبين ذويهم؟! إنها دعاوى باطلة.
بعد هذا، ألم يَأنِ للمصلحين ومُحِبِّي السلام أن يبعدوا عن أعينهم الغشاوة، فيراجعوا تعاليم الإسلام بتدبر وإنصاف، ليجدوا ما فيه من سعادة الإنسانية في حاضرها ومستقبلها؟!
اللهم انصر دينك، ووفِّق له الدعاة المصلحين.
الحديث الأول:
عن عَبْدِ اللّه بْنِ عُمَرُ رَضي اللّه عَنْهُمَا أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أعْتَقَ شِركاً لَهُ في عَبْدٍ- فَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَن الْعَبْدِ- قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَليْهِ الْعَبْدُ، وإلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ».
الغريب:
شِرْكاً له: بكسر الشين، وسكون الراء: أي جزءاً ونصيباً.
عَدْل: بفتح العين، وسكون الدال: أي من غير زيادة في قيمته، ولا نقصان.
المعنى الإجمالي:
للشارع الحكيم الرحيم تشوُّف إلى عتق الرقاب من الرق، فقد حث عليه، ورغَب فيه، وجعله أجل الكفارات وأعظم الإحسان، وجعل له من السِّرَايَة والنفوذ، ما يفوت على مالك الرقيق رقة بغير اختياره في بعض الأحوال، التي منها ما ذكر في هذا الحديث، وهي أن من كان له شراكة، ولو قليلة، في عبد، أو أمة، ثم أعتق جزءاً منه، عتق نصيبه بنفس الإعتاق.
فإن كان المعتق موسرا- بحيث يستطيع دفع قيمة نصيب شريكه عتق العبد كله، نصيبه ونصيب شريكه، وقوم عليه نصيب شريكه بقيمته التي يساويها وأعطى شريكه القيمة.
وإن لم يكن موسرا- بحيث لا يملك قيمة نصيب صاحبه- فلا إضرار على صاحبه، فيعتق نصيبه فقط، ويبقى نصيب شريكه رقيقا كما كان.
ما يستفاد من الحديث:
1- جواز الاشتراك في العبد والأمة في الملك.
2- أن من أعتق نصيبه عتق عليه، وعتق عليه أيضاً نصيب شريكه إن كان موسراً، وقُومت عليه حصة شريكه بما يساوى، ودفع له القيمة.
3- إن لم يكن الشريك المعتق موسراً، فلا يعتق نصيب شريكه.
وبعضهم يرى أنه يعتق، وينسعى العبد بالقيمة، ويأتي الخلاف فيه.
4- أنه إن ملك بعض قيمه نصيب شريكه، عتق عَليه بقدر ما عنده من القيمة.
5- تشوُفُ الشارع إلى عتق الرقاب، إذ جعل للعتق هذه السراية والنفوذ.
الحديث الثاني:
عَن أبي هُرَيرةَ رَضي الله عَنْهُ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ اعتَقَ شِقْصاً مِنْ مَمْلوكٍ فَعَلَيْهِ خَلاَصُهُ كُلّهُ فِي مَالِهِ، فَإن لَمْ يَكُنْ لَهُ مالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ استُسْعِىَ العَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ».
ما يستفاد من الحديث:
معنى هذا الحديث تقدم في الذي قبله، إلا أنه زاد تسعية العبد عند إعسار المعتق، وإجمال معناه ما يأتي:
1- أن من أعتق شركا له في عبد، وكان له ما يبلغ ثمن العبد عتق عليه كله وقُومَ عليه حصة شريكه بقدر قيمته.
2- فإن لم يكن له مال، عتق العبد أيضاً- وطُلِبَ من العبد السعيُ ليحصل للذي لم يعتق نصيبه مباشرة، قيمة حصته، ولا يشق عليه في التحصيل، بل يقدر عليه أصحاب الخبرة قدر طاقته.
3- ظاهر الحديثين، هذا والذي قبله، الاختلاف في عتق العبد كله، مع إعسار مباشر العتق واستسعاء العبد.
الجمع بين الحديثين:
دل الحديث الأول- في ظاهره- على أن من أعتق نصيبه من عبد مشترك، عتق نصيبه.
فإن كان موسراً عتق باقيه- وغرم لشريكه قيمة نصيبه.
وإن كان معسراً لم يعتق نصيب شريكه، وصار العبد، مُبَعَّضاً، بعضه حر، وبعضه رقيق.
ودل الحديث الثاني على أن المباشر لعتق نصيبه، إن كان معسراً عتق العبد كله أيضاً، ولكن يستسعى العبد بقدر قيمة نصيب الذي لم يعتق وتعطى له.
ذهب إلى الأخذ بظاهر الحديث الأول، الأئمة، مالك، والشافعي، وأحمد في المشهور من مذهبه، وأهل الظاهر.
ودليلهم، ظاهر- الحديث وجعلوا الزيادة في الحديث مدرجة، وهي قوله: «فإن لم يكن له مال قوِّم المملوك قيمة عدل ثم استسعى العبد غير مشقوق عليه».
قال ابن حجر في بلوغ المرام: وقيل: إن السعاية مدرجة.
قال النسائى: بلغني أن هماماً رواه، فجعل هذا الكلام- أعنى الاستسعاء- من قول قتادة وكذا قال الإسماعيلي إنما هو من قول قتادة، مدرج على ما روى همام.
وجزم ابن المنذر، والخطابي بأنه من فتيا قتادة.
ولكن قال صاحب شرح البلوغ: وقد رد جميع ما ذكر من إدراج السعاية باتفاق الشيخين على رفعه، فإنهما في أعلى درجات الصحيح.
ولذا فإنه ذهب إلى الأخذ بهذه الزيادة الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، واختارها بعض أصحابه، ومنهم شيخ الإسلام (ابن تيميه) و(ابن القيم) وشيخنا (عبد الرحمن آل سعدي) رحمهم اللّه تعالى، وجع بين الحديثين.
وصفة الجمع ما قاله شارح بلوغ المرام: أن معنى قوله في الحديث الأول: «وإلا فقد عتق منه ما عتق» أي بإعتاق مالك الحصة حصته، وحصة شريكه تعتق بالسعاية، فيعتق العبد بعد تسليم ما عليه، ويكون كالمكاتب وهذا هو الذي جزم به البخاري.
ويظهر أن ذلك يكون باختيار العبد لقوله: (غير مشقوق عليه).
فلو كان ذلك على جهة الإلزام، بأن يكلف العبد الاكتساب والطلب حتى يحصل ذلك، لحصل له بذلك غاية المشقة، وهو لا يلزم في الكتابة ذلك عند الجمهور، ولأنها غير واجبة، فهذا مثلها.
وإلى هذا الجمع ذهب البيهقي، وقال: لا تبقى معارضة بين الحديثين أصلاً.
وهو كما قال، إلا أنه يلزم منه أن يبقى الرقُّ في حصة الشريك إذا لم يختر العبد السعاية اهـ.

.باب بَيْع المدبَّر:

المدبَّر:- اسم مفعول، وهو الرقيق الذي علق عتقه بموت مالكه.
سمي بذلك، لأن عتقه جعل دُبُرَ حياة سيده. أو يكون مشتقا من التدبير وهو في اللغة النظر في عواقب الأمور.
الحديث العشرون بعد الأربعمائة:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: دَبَّر رَجُلٌ مِنَ الأنصَارِ غُلاَماً لَهُ.
وفي لفظ: بَلَغَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّ رَجُلاً مِنْ أصْحَابهِ أعْتَقَ غُلاَماً لَهُ عَنْ دُبُرٍ- لَمْ يَكنْ لَهُ مَالٌ غَيرهُ، فَبَاعَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِثَمَانِمَائَةِ دِرْهَمٍ، ثُم أرْسَلَ بِثَمَنهِ إلَيهِ.
الغريب:
دُبُر: بضم الدال المهملة، وضم الباء الموحدة، وهو نقيض القبُل، من كل شيء، والمراد- هنا- بعد موته.
المعنى الإجمالي:
علق رجل من الأنصار عتق غلامه بموته، ولم يكن له مال غيره.
فبلغ ث لك النبي صلى الله عليه وسلم، فَعَدَّ هذا العتق من التفريط، وتضييع النفس.
فردَّه وباع غلامه بثمانمائة درهم، أرسل بها إليه، فإن قيامه بنفسه وأهله أولى له وأفضل من العتق، ولئلا يكون عالَةً على الناس.
ما يستفاد من الحديث:
1- فيه دليل على صحة التدبر، وهو متفق عليه بين العلماء.
2- أن المدبَّر يعتق من ثلث المال، لا من رأس المال، لأن حكمه حكم الوصية، لأن كلا منهما لا ينفذ إلا بعد الموت، وهذا مذهب جمهور العلماء.
3- جواز بيع المدبر مطلقا للحاجة، كالدَّين والنفقة، بل أجاز الشافعي وأحمد بيعه مطلقا للحاجة وغيرها، استدلالاً بهذا الحديث الذي أثبت بيعه في صورة من جزئيات البيع، فيكون عاماًّ في كل الأحوال، وقياسا على الوصية، التي يجوز الرجوع فيها.
4- أن الأولى والأحسن لمن ليس عنده سَعَةُ في الرزق أن يجعل ذلك لنفسه ولمن يعول، فهم أولى من غيرهم، ولا ينفقه في نوافل هذه العبادات من الصدقة والعتق ونحوها.
أما الذي وسَّعَ الله عليه رزقه، فلْيحرِصْ على اغتنام الفرص بالإنفاق في طرق الخير {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ تَجِدُوُه عِنْدَ الله}.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله أصحابه السابقين إلى الخيرات.
وبعد فقد تم هذا الشرح المبارك- بعون اللَه تعالى وحمده في ليلة الجمعة المباركة الموافقة ليلة الثامن من شهر رجب المبارك، من عام تسعة وسبعين وثلاثمائة وألف، من هجرة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة.
وقد شرعت في تصنيفه، في اليوم الخامس من شهر رمضان المبارك عام 1376هـ.
ويتخلل عملي فيه فترات من مشاغل وإجازات أقضيها في عنيزة.
قاله وكتبه عبد اللّه بن عبد الرحمن بن الشيخ صالح بن حمد بن محمد بن حمد ابن إبراهيم بن عبد اللّه بن الشيخ أحمد آل البسام وصلى اللّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد فقد أنهيت تصحيح هذا الجزء وتحقيقه وإلحاق الفوائد به، لإعداده للطبعة السادسة في عصر يرم السبت التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1400هـ في مدينة الطائف، مصيف المملكة العربية السعودية، وكنت أقضي فيها فترة الصيف والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.